السبت 18/10/1445 هـ الموافق 27/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
فلسطين و الإعلان العالمى لحقوق الإنسان !....دكتور ناجى صادق شراب

سبعون عاما على صدور الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والذى ولد من رحم حربين عالميتين راح ضحيتهما ملايين من البشر الأبرياء، ولم يراعى فيهما اى كرامه وحقوق للإنسان، وتزامن هذا ألإعلان مع نشؤ نكبة الشعب الفلسطيني وتشرده في الفيافى والمخيمات، وما يزال يعانى من وطأة الاحتلال وغياب أي كرامه له. هذا الإعلان الذى نص في مادته ألأولى :يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين فى الكرامه والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء.ولقد حثت الأمم المتحده الدول الأعضاء أن يضعوا نصب أعينهم هذا ألإعلان، وأن يعملوا على توطيد الحقوق والكرامه الإنسانيه بالتعليم والتربيه, والمقصود هنا نبذ كل مناهج التعليم التي تحرض على العنف والقتل والتمايز العنصرى.

وأهمية ألإعلان أن له قيمه رمزيه ومعنويه كبيره، رغم أنه ليس إتفاقا ملزما، لكن الإلزام الأخلاقى  هو الذى يحكم على سلوك الدول والشعوب. وقيمته الرمزية في ان كل الدول والشعوب أيدته ووقعت عليه، وأنبثقت عنه مجموعه من العهود الدوليه الملزمه مثل العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية.ومن العهدين ظهرت العديد من الإتفاقات التي تحمى حقوق الفئات المهمشة، والتي تعانى من الظلم والعنصرية والتمايز وإهانة الكرامة، وضحايا الإعتقال والغياب القسرى والأطفال والنساء وذوى الإعاقة، هذا تلتزم الدول في تشريعاتها ودساتيرها بإحترام المبادئ التي نص عليها ألإعلان. هذا وقد إكتملت ملامح النظام العالمى لحقوق الإنسان بإنشاء مجلس حقوق الإنسان, ولعل ما يجعل لهذا ألإعلان من مكانة كبيره لدى شعوب العالم والإحتفال به كل عام تضمينه وتأكيده على الكرامة الإنسانية، والتي تعنى إحترام المرء ذاته، وهو شعور بالشرف والقيمة الشخصية يجعله يتأثر ويتألم إذا ما إنتقص قدره.والإنسان خلق بالفطرة حرا ،كامل الحقوق، والخالق لم يميز بين إنسان وآخر, وما لحق بالإنسان من ظلم وإنتهاك لحقوقه وكرامته هو بفعل بشرى إما نظام حكم إستبدادى إقطاعى كما راينا على مدار تاريخ الشعوب، وإما بفعل إستعمار أجنبى فرض السيطره والعبوديه على الشعوب الأخرى كما راينا في أفريقيا وآسيا ودول أمريكا اللاتينيه، التي خضعت لسيطرة إستعمارية عمياء جاءت على حساب إهانة كرامة الشعوب المستعمره وما نرى تجسيدا لذلك في الاحتلال الإسرائيلي الدائم للشعب الفلسطينيى وإهانة كرامته الإنسانيه . ولعل الثورات الإنسانيه الكبرى التي شهدتها العديد من دول العالم كان هدفها الكرامة الإنسانية. الثورة الفرنسية وشعارها الحرية والإخاء والمساواة. وغيرها كلها ناضلت من اجل الحقوق ألإنسانيه، لذلك جاء الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ليجسد هذه الكرامة ويدافع عنها. هذا ألإعلان وصمة العار الإنسانيه على جبينه هي إستمرار الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي ، فمنذ التاريخ نفسه الذى صدر فيه الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية تدوسها قوات الاحتلال الإسرائيلي ، واعلى درجات الإهانة ان يخضع شعب لإحتلال شعب آخر, والفلسطينيون يعانون من عقود من الاحتلال الإسرائيلي الذى يمارس كل أشكال الإهانة الإنسانية من إعتقال وقتل وتعذيب وتجويع وتخويف ، ولم ينجى احد من أبناء الشعب الفلسطينى من سياسات الاحتلال: الأطفال أعتقلوا وقتلوا، النساء أعتقلن وقتلن، المسنيين أيضا أعتقلوا وقتلوا، المياه حجبت عنهم، منازلهم تدمر يوميا، وبيوتهم تنهك حرماتها يومياـ وتدمر أمانم أعين أطفالهم الذين ينامون في الشوارع دون غطاء، الأرض تلتهمها عمليات الإستيطان، ناهيك التعامل مع الشعب الفلسطيني أنه مجرد أفراد وليسوا آدميين، ليست لهم حقوق إنسانيه مثل غيرهم من الشعوب المتحضره، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل صدور العديد من القوانين التي تحمل في طابعها العنصريه، والنظر للفلسطينيين نظرة دونيه.هذه الصورة من إنتهاك الكرامة الإنسانية هي الأكثر إنتهاكا في تاريخ الشعوب ، والتي لم تعرف الشعوب الأخرى لها مثيلا, ما أريد أن أركز عليه هنا وبمناسبة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على الفلسطينيين مراجعة كل خياراتهم، والتركيز على خيار الحقوق والكرامة، ولديهم الكثير من وقائع الحياه والنماذج التي يمكن أن يقدمونها للعالم الذى يتنادى بالديموقراطيه والحقوق، وان يقيموا المعارض، وان يحكوا قصص معاناتهم ، هذا الخيار هو ألأكثر فعاليه ، والكفيل ان يجعل العالم أن يستيقظ من غيبوبته، وتضلليه، وتذكيره دائما انه ما زال هناك شعب وحيد في العالم محروم من كرامته وحقوقه المشروعهة التي كفلتها له كل المواثيق الدوليه، المطلوب رؤيه إستراتيجيه شامله في هذا الشأن والعمل عليها ومخاطبة كل العالم والذهاب لكل بيت نحكى للطفل معاناة الطفل الفلسطينيى ، وللمرأة معاناة المرأة الفلسطينية ن والمسن والكبار معاناة المسنيين والكبار من الفلسطينيين، ولنغير من وظيفة سفارتنا في الخارج.

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]

2018-12-16