الجمعة 24/10/1445 هـ الموافق 03/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
"اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ" "15سورة البقرة"/ بقلم: فراس ياغي

ربيع العرب ليس ربيعاً...وثورة الميادين تلونت بلونٍ إسمرنجية "إسلام سياسي وفرنجه"... وصندوق الثورات العجيب إمتلأ بفتاوى دموية...ووصلت الإمور لحد الذبح والإعدام ونزع القلوب من الصدور ومحاكم شرعية وقاضي وجلاد...في سوريا هناك قتلة بإسم الدين والثورة، أسماء جُندَهم وألويتهم تحاول إعادة القديم بوجهٍ فاشي ودموي جديد...وعَلَمَهُم يُعبّرُ عن فرنجيتهم، فهم أدعياء دين وبهوى غربي-عثماني، ورائحتهم مغموسةٌ بالبترودولار الدموي، ومفكر المواطنة العربي أصبح مفكرٌ لطائفة ليست له ولا معهم لأنها لم تكن ولن تكون وفقا لمفهوم الطوائف في عقولهم...السُّنةُ هي الاسلام وهي الناصرية والقومية والوطنية واليسارية، السُّنة هي الدين الوسطي الذي يحتضن المسيحية والأقليات القومية الأخرى ولم تكن يوما طائفه...والأحزاب السياسية التي تدعي التَديّن مصلحتها السياسية فوق تدَيّنها بل وفوق إسلامها، بل وضعت يدها في يد "الناتو" للإنتصار في ثوراتها المصطنعة "ليبيا مثال".
يقول قائل " إختلفنا على مَسحِ القدم أو غسلِ القدم، حتى لم يبقى لنا على هذه الأرض موطيء قدم"، ولا زلنا نعيش بدايات القرن الأول الهجري، نتقاتل على أحقية هذا الصحابي أو ذاك، نتجادل حول فتنة وسرقة "معاوية بن هند" لزعامة الإسلام والمسلمين، ودموية إبنه البائد "يزيد"...لا زلنا نتغنى بموقعة "بدر" و "أحد" بطريقةِ تلقينٍ مدرسي ليس له معنى روحي ولا عروبي، تصوروا، يقول الله عزّ وجلْ في كتابه الحكيم [إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مّنَ ٱلْمَلَـئِكَةِ مُرْدِفِينَ [[الأنفال:9] [فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا [[الأحزاب:9] ، وتجدون قصص في التاريخ الاسلامي تتحدث عن رؤية الملاكة وهي تحارب، في حين كلام الله تعالى واضح "لم تروها"...في الدين الحدود وشروطها واضحة، وفي واقعنا الذّمة واسعة والإتهام قائم، فلسفة المسلمين الجدد، مسلمي الناتو ومسلمي القاعدة، وجهان لفكر واحد، الأول يريد التزاوج مع ليبرالية الغرب حتى بثمن الفتنة الطائفية، والثاني يريد ذبح الطوائف والفرق الأخرى حتى يتفرغ لذبح الغرب...الأول إحتواه الغرب لأنه يبحث عن موطيء قدم في التجارة والإقتصاد والحكم والسياسه...والثاني يجد موطيء قدمه بالإرهاب والفاشية المتجرعة من اسياده السفاحين وسلفه الطالحين من الخوارج والطلقاء وناكثي الأمانة والعهود.
حكم "سعد بن معاذ" رضي الله عنه ضد "بني قريظه" لم يعد ممكنا ولا يمكن القياس عليه، وغزوات رسول الله الأكرم صلوات الله عليه وسلم إنتهت بتوحيد القبائل العربية وإقامة حُلم أجداده في دولة عربية مستقلة واحدة، لسانها عربي وقرآنها الكريم أنزل عربيا، قال تعالى :"إنَّا أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعْقِلُونَ"[يوسف:2]، دينٌ يدعو للتآخي بين جميع الشعوب، فلا "فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى"، ونزعته تحضُّ على العدل والعلم والزهد والعبادة...دولة تحترم الإنسان فيها وتسمح بالخلاف والحوار، قال تعالى: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " [النحل:125]...السيف والقتال إنتهى لصالح الشعب والدولة، ولا قتال إلا على من إعتدى وبغى، والطائفة الباغية ليسوا سوى أدعياءَ الدين وحلفاء الإستعمار، فمن كانت عاصمته عثمانية أو بيت أبيضية أو سوربونية أو ضبابية، وتمويله يأتي من دويلات الردة، لا يمكن أن يكون سوى الباغي.
يحملون السلاح ويقتلون بدم بارد وبفتاوى بسرعة البرق مقابل أجرٍ مادي وإمرأة بنكاح الجهاد أو بسبيهن وكأننا نعيش عصر القبائل، ثم يقولون "الله أكبر"، ونحن نقول "الله أكبر" عليكم لقد شوهتم دين المحبة والتآخي، لقد دمرتم إمكانية التماهي السياسي بين العرب ودينهم، والأجيال القادمة ستلعنكم إلى يوم الدين على أفعالكم "النازية"، فلا فرق بين فكر "هتلر" وبينكم، لا فرق بين عنصرية جنوب أفريقيا القديمة وبين نزعتكم العنصرية، ولا فرق بين مفهوم "الأغيار" لدى من يدّعون التفضيل الإلهي وبين عمائمكم...ولكن وبإذن الله فمقبرتكم قُدّر لها الله أن تكون في شامنا، وقُدّر أن يكشفها مرةً أخرى في بلاد الأنبياء ومهدها، في بلاد الحضارات وبلاد تعدد الثقافات والاثنيات...و "القصير" هي بداية التطهر والتطهير من رجس التكفيريين، فأعوذ بالله من رجسكم وشياطينكم وأفعالكم، قال تعالى: " اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ" "15البقرة".

2013-05-23