الخميس 16/10/1445 هـ الموافق 25/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
محمد دحلان مجدداً ... لماذا !! ؟/ بقلم:ماجد هديب

  لم أكن اسمع به قبل ذلك الحين, ليس لأن أمثاله كانوا أقزاما أمام قادة عظام , أو لأن الكثير من جيله كانوا أكثر فعلا على درب الثورة والأكثر إخلاصا في العمل من اجل فلسطين فقط , بل لأن أشبال غزة وشبيبتها تفوقوا عليه من حيث الإقدام والتضحية وكانت بطولات هؤلاء سبقت أسمائهم بكثير لإدراكهم بأنهم مجرد أدوات لتحريك الثورة وصولا لتحقيق أهدافها وليس العمل من اجل استخدام الثورة كأداة لتحقيق أهدافهم كما هو حال السيد محمد دحلان ,وهذا ما جعلني اسمع به عام 1990 حينما كنت رئيسا للاتحاد العام لطلبة فلسطين بجامعات الشرق الجزائري, حيث بدايات استخدامه للثورة من اجل أهداف نعلم حقيقة بعضها وأصبحنا تتعامي فيما بعد عن حقيقة بعضها الآخر, حيث عمل بصمت من اجلها أحيانا ,وبالعلن حينا آخر. كان السيد محمد دحلان قد استطاع شراء ولاء ثلة من طلبة فلسطين بعد استغلال ظروفهم المادية واحتياجاتهم لاستكمال ما تبقى لهم من سنوات دراسية من اجل توزيع بيان سياسي كان قد أصدره بنفسه هاجم فيه القيادة الفلسطينية بحجة اختيار الفنادق عوضا عن الخنادق وفقا لما جاء في نفس البيان والموقع باسم منظمة الشبيبة الفتحاوية, وعند نجاحنا في إيقاف توزيع ذلك البيان لما يشكله من تهديد على وحدة الجسم الطلابي, واعتبار ما جاء فيه مقدمة لشق باقي وحدة الأطر النقابية لطرح منظمة الشبيبة بديلا عنها ,فان مجموعة من المطاردين والمبعدين الذين أصبح معظمهم قادة لأجهزة أمنية, أو رموزا معروفة في تمرير ظاهرة دحلان في عهد السلطة كانوا قد حضروا على الفور لمقر الاتحاد وطالبوني بفسح المجال أمام بيانهم ليرى النور مع مطالبتهم بالعمل على دعوة كافة طلبة فلسطين لمؤتمر عام ليبثوا أمامه ما يحملونه من سموم تحت شعارات ومبررات واهية وهي المقاومة وتصويب المسار ,فهمت فيما بعد ومن خلال البعض منهم, إن الهدف من كل تلك الإجراءات هي الضغط على القيادة الفلسطينية من اجل ثنيها عن قرار اتخذه القائد العام في حينه بالتحاق كل هؤلاء المبعدين والمطاردين بمعسكرات الثورة مع عدم بقائهم داخل المدن ,سواء بالفنادق أو بالشقق المفروشة مع محاولة انتزاع قرار بتعيين دحلان في احد دوائر صنع القرار باعتبار أنهم من محركي الانتفاضة وأنهم ما زالوا شعلة تصاعدها. لم يكن وقوفنا قي ذلك الحين ضد البيان لما جاء فيه من اتهامات بقدر وقوفنا كاتحاد أمام بداية ظاهرة كنا نتخوف من امتدادها لتصبح بشكل أعمق واشمل لما يتميز به شعبنا من عاطفة يمكن اختراق تفكيره واحتوائه من خلالها بشعارات تمنى وجودها والعمل بها قولا وعملا في ظل جمود القيادة لما كانت تعاني في ذلك الحين من أزمة وحصار بعد حرب الخليج الأولى , وها هي نفس تلك الظاهرة تعود بشكل اعم واشمل لينال محركها بعد سنوات طوال ما يطمح إليه من وصول لأهداف ما زلنا نجهل بعضا منها, وربما نتعامى عن ذلك بقصد لأننا ما زلنا نخضع تحت احتلال وما زال منصب الرئاسة غير خاضع لأي استقلالية’ أو قرار شعبي. مع عودة السلطة الوطنية بدأ نجم السيد دحلان يسطع بقوة فبعد أن كان يتودد للقادة السياسيين والعسكريين أصبح هؤلاء جميعا يتوددون له في ظل شخصيته الجديدة التي تجمع ما بين بؤس المخيم وشقائه وحياة أمراء اوسكوتلندا , وهنا كان لا بد للقيادة من الوقوف لحظة تأمل مع الذات إلا أن تلك اللحظة لم تأتي في حينها, بل جاءت متأخرة ,وذلك بعد أن استطاع السيد محمد دحلان نفسه من استخدام السلطة كمطية في يده لا في خدمتها, وباتت في خطر يتهدد استمرارها لما مرت به من ظروف صعبة كان السيد دحلان نفسه سببا في خلقها . ومع اندلاع الانتفاضة عام 2000 وجد محمد دحلان فرصته في تنفيذ ما كان يصبوا إلى تحقيقه من خلالها بعد أن وقف نفسه لفترة ضد استمرارها ,وعمل في كثير من الأحيان ضد تصاعدها, حيث بدا يعمل على ركوب موجتها لحرفها عن مسارها بما يحقق له ظروف السيطرة على القرار الفلسطيني وخاصة في ظل حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات داخل مقره في مدينة رام الله , حيث نجح السيد محمد دحلان في تشكيل المليشيات والمجموعات المسلحة لتأتمر باسمه شخصيا للمساهمة في خلق حالة من الفلتان الأمني وفوضى السلاح مع إحداث الانفلاش داخل الأجهزة الأمنية قصد إضعاف قدرة السيد الرئيس الراحل من بسط نفوذه على غزة وهذا ما استطاع في حينه تحقيقه, حيث لم يعد بمقدور الرئيس الراحل ولو تمرير قرار بإقالة قائد ,أو تعيين آخر على رأس أي جهاز امني ,مع إظهار عدم سيطرته على تنفيذ ما يتوصل إليه من اتفاقات مع الجانب الأميركي من خلال إعطاء السيد محمد دحلان أوامره لتلك الميليشيات التي أنشأها بإطلاق بعض الصواريخ عند كل هدنة كان يتوصل إليها السيد الرئيس مع الإدارة الأمريكية قصد إظهار عدم سيطرته على زمام الأمور وان لا فائدة من التعامل معه في الوقت نفسه الذي كان يعمل فيه على التوحد مع قوى كانت تهاجم الرئيس الراحل ولا تعتبره ممثلا شرعيا وهي حركة حماس, وكانت كل هده الأعمال قد وفرت أرضا خصبة من حيث يدري السيد محمد دحلان أو لا يدري باغتيال عرفات وذلك لنجاحه نتيجة كل تلك الأعمال في حصاره داخليا ومساهمته نتيجة تلك الاجرءات في حصاره عربيا ودوليا. كان السيد محمد دحلان وحركة حماس يستخدم كل منهما الآخر بما يمتلكون من أوراق ضغط وعوامل لإضعاف السلطة من خلال نشر ظاهرة الفلتان الأمني مع تحين كل منهما فرصة القضاء على الآخر عندما تحين فرصة السيطرة علي السلطة, إلا إن حركة حماس كانت الأسرع والأكثر تنظيما في عملية الانقضاض على السلطة وإنهاء ظاهرة السيد محمد دحلان قبل أن يتمكن نفسه من إنهائها حيث استطاعت حركة حماس إنهاء السلطة الوطنية من خلال السيطرة على مقاليد الأمور في غزة بعد أن استخدمت السيد دحلان نفسه في ذلك. بعد قرار القيادة الفلسطينية الذي جاء متأخرا جدا بحق السيد محمد دحلان ’ فانه لجأ مجددا إلى التحالف مع حركة حماس التي أصبحت خصمه اللدود بعد مساهمته في انجاحها بالسيطرة على غزة, وذلك بهدف الخلاص من عدوهما المشترك وهو السيد الرئيس محمود عباس حيث جاء بداية التحالف استنادا إلى حاجة الناس وعوزهم من خلال ما يسمى بلجنة التكافل وصولا إلى إجراء الانتخابات الطلابية لإظهار شعبية السيد محمد دحلان من خلال منظمة الشبيبة الفتحاوية وهي نفس المنظمة التي ابرز فيها ظاهرة وجوده وتوجهاته منذ مغادرته ارض الوطن وسطوع نجمه فرضا على القيادة الفلسطينية ,فهل ينجح السيد دحلان في الوصول لدائرة صنع القرار من خلال استخدامه لمنظمة الشبيبة التي سمحت حركة حماس لبعض المحسوبين عليه فيها بحرية العمل لإظهار شعبيته والتمهيد لعودته إلى غزة تحت ذريعة الديمقراطية وقوته الشعبية لسحب شرعية الرئيس محمود عباس وتفتيت وحدة حركة فتح وصياغة علاقة جديدة ليس للرئيس محمود عباس وحركة فتح الرسمية مكان فيها لإدامة الانقسام وإدارته بطريقة جديدة؟

2014-02-26