السبت 10/11/1445 هـ الموافق 18/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حـمـاس إرهـابـيـة .. ؟! حسـبـنـا الـلـه ونـعـم الوكـيـل/ بـقـلـم عـادل أبو هـاشـم

في هذه الأيام التي تبدو فيها نوافذ الإستسلام والتخاذل والتهافت مشرعة في أماكن كثيرة من الوطن العربي عن عجز في بعض الحالات ، وعن تصميم وإرادة وإنحراف وخيانة في حالات أخرى .! 
في هذه الأيام التي تفتح فيها الجسور أمام الأعداء لإقتحام الأوطان ،  وتركيز أعلامهم السياسية  والعسكرية والإقتصادية والثقافية على هضاب وسفوح ومرتفعات وجنبات الوطن العربي .! 
في هذه الأيام التي تتجسد فيها التـنازلات والتراجعات عن المبادئ والثوابت بالممارسة الفعلية على الأرض ، وعبر التصريحات والخطب التي تلقى هنا وهناك بالدعوة للإستسلام والتسويات وأنصاف الحلول والتـنازل عن البقية الباقية من الأرض الفلسطينية .!
في هذا الزمن الذي بلغ فساد الإدراك وغياب الحس السليم مداه ، وأصبحت المعايـير مقلوبة ووسيلة من وسائل العجز والهزيمة  .!
في هذا الزمن الذي أصبح فيه الجهاد جريمة ، والمجاهدون الذين يدافعون عن أرضهم وعرضهم وشعبهم إرهابيين وقتلة وخارجين عن القانون ، و إسحاق رابين " شهيد السلام " ..!!
في هذه الأيام ــ  من هذا الزمن الرديء ــ  الذي تشير فيه كل الدلائل إلى المحاولات الحثيثة  والجادة الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية ، التي يدور من حولها مصير الإنسان العربي وجودًا وعدمـًا .!
في هذه الأيام التي يستوي فيها أصحاب المبادئ والقيم والقضايا الوطنية بالتجار والمزاودين والدجالين الذين يعبثون بالوطن وشرف الوطن وكرامة الوطن ..!! 
يتساءل الإنسان الفلسطيني والعربي البسيط المجروح الوجدان بالعجز وخيبة الأمل   : إلى أين ؟؟
وهو بين مكذب ومصدق أن " مزاد التصفية " هذا يتـناوله على مرأى منه وأمام عينيه .!
وإلى أين ستأخذه مرحلة " تهافت التهافت " التي فرضت عليه منذ  شهر نيسان " أبريل "   عام 2005 م عندما أدلت وزيرة الخارجية الأميركية "كونداليزا رايس " بحديث صحفي مع جريدة واشنطن بوست الأميركية  أعلنت فيه عن نية الولايات المتحدة نشر الديمقراطية بالعالم العربي ،  والبدء بتشكيل ما يُعرف بـ "الشرق الأوسط الجديد "عبر نشر " الفوضى الخلاقة " في الشرق الأوسط عبر الإدارة الأميركية .؟!
وهل من أولويات " الفوضى الخلاقة " حملة الشيطنة التي يقودها الأعلام المصري  ضد حركة حماس وغزة في الساحة المصرية ، و أن تعلن محكمة مصرية أن حركة حماس " منظمة إرهابية " .؟!
شاهدنا بدايات هذه الحملة  في العدوان الأسرائيلي على غزة في الصيف الماضي حيث تسللت مشاعر الشماتة بأهل غزة  إلى نفوس كثير من المصريين كمرض خبيث لا يمت للأخلاق أو الشهامة والمروءة بصلة  ، وقد طالت هذه المشاعر نخبة من الكتاب والإعلاميين  الذين وجدوا فى هذه النكبة الجديدة فرصة لتصفية الحسابات مع  حركة حماس ، و إلقاء عليها كل أخطاء التاريخ ، ولا يدرون أنهم بذلك يتوحدون مع مشاعر الضغينة والبغضاء التي يكنها الإسرائيليون لكل ما هو فلسطينى ، حيث لم يتوان بعض الإعلاميين المصريين بالتغني و الأشادة بالعدوان الإسرائيلي على غزة ، واتهام الفلسطينيين بأنهم هم الذين تسببوا فى قتل أنفسهم .!
ولو تتبعنا ما بثته الفضائيات المصرية التي تلاعبت بعقول المصريين ، وكتبه بعض الإعلاميين من سباب وردح وشتائم ، لكان المشهد أكثر بؤسًا بكثير .! 
لقد حمًل " سحرة فرعون " في الأعلام المصري حركة حماس عبء فشل  ثورة 25 يناير ، ودم الشهداء الذى ضاع ، والقتلة الذين أفلتوا من العقاب ، و الإرهابيين الذين يعيثون قتلاً فى جنود سيناء ، والقنابل الموقوتة المندسة في المدن و المحافظات المصرية .!
اخترع " سحرة فرعون " أسطورة معاصرة لتبرير هذه الكراهية ،  حيث حوّلوا واقعة ميدان التحرير إلى أسطورة ، وتجاهلوا القتلة الحقيقيين ، وتقارير لجان تقصى الحقائق التى حددت بدقة ووضوح من قام بقتل المتظاهرين .!
برأ " سحرة فرعون "  القتلة رغم أنهم اعترفوا ضمنا بفعلتهم وهم يدورون من بيت لبيت ليدفعوا دية القتلى ، ويرغموا الأهالى عن التنازل عن قضايا قتل أولادهم ، ومن قام بدفع الحيوانات وسط جموع المتظاهرين ، ومن سمح لهم بالعبور ، ومن اعتلى أسطح العمارات ليقتنص المتظاهرين ، واخترعوا أسطورة مغايرة لكل هذه الوقائع  تسمى " أسطورة عمر سليمان  " .!
تقول الأسطورة  إن مجموعة من القتلة المسلحين من " حركة حماس "  استطاعوا أن يعبروا الأنفاق  بصحبتهم  " بلدوزرات "  ثقيلة  ساروا بها أكثر من 500كم  فى صحراء مكشوفة  دون أن يقابلهم أحد ، وتجاوزوا مدنا آهلة بالسكان دون عائق ، حتى وصلوا إلى منطقة السجون القريبة من القاهرة ، فاقتحموا 11 سجنًا دفعة واحدة ، وأفرجوا عن أعضائهم المسجونين ، وأعضاء التنظيم التابعين له ، ومنهم الدكتور محمد مرسى ، ثم توجهوا بعد ذلك إلى ميدان التحرير فقتلوا المتظاهرين ، وأحرقوا أقسام الشرطة ، وقتلوا بعضًا من الأهالى أمامها ، ثم اجتازوا نفس المسافة الصحراوية الممتدة وعادوا إلى أنفاقهم مع بلدوزراتهم  دون أن يمسك بهم أحد ، ودون أن يراهم أحد إلا شخص وحيد هو اللواء عمر سليمان ، الرجل الذى خرج من قلب النظام السابق ليحميه ويحمى جهاز الأمن التابع له من شبهة إصدار أى أوامر بالقتل  .!
وأصبحت هذه الأسطورة هى الحكاية المعتمدة والتى تمسكت بها كل الأطراف لتدفع بها التهمة عن نفسها :
تمسك بها  حسني مبارك ليبرئ نفسه من قتل المتظاهرين .!
وتمسكت بها الشرطة ووجدوا فيها منفذًا لإسقاط التهم عن أفرادها دون حاجة إلى دفع الديات.!
وتمسكت بها فلول النظام التى طالتهم الاتهامات فى موقعة الجمل .!
و تمسك بها " سحرة فرعون " لنيل رضا الأدارة الأمريكية و الحكومة الأسرائيلية .!
ودفع  الشعب الفلسطيني في غزة  ثمن هذه الأسطورة المبتذلة :
فأغلقت المعابر في وجوههم  ، ودمرت أنفاقهم ، ومنع مرضاهم من السفر للخارج للعلاج ، والطلبة من الألتحاق بدراستهم في الخارج ، و تعرض الفلسطينيون لسيل من الشتائم و السباب تدل على ما وصل إليه " سحرة فرعون " من حقارة لا حدود لها ،  و و ضاعة و خسة وقلة إدراك  ، و التهديد اليومي بعمل عسكري مصري ضد قطاع غزة .! 
ويتساءل المواطن العربي في كل مكان :
ما سر هذه الهجمة التي تبدو غريبة على المشهد العربي على حركة مقاومة قاومت العدو الصهيوني في أربع حروب على مدار ثمان سنوات  ، ويتهمها بأنها منظمة إرهابية .؟!
وكيف  تحولت حماس فجأة ، وعلى الرغم من أنها ضحية ، ويفترض أنها تناجز عدو الأمة العربية الأول تاريخيا ( كما كانت تصدح الحناجر )  إلى "عدو" بديل ، وتوجهت السهام إليها .؟!
وكيف يجرؤ عربي على الانحياز إلى صف "العدو" الصهيوني جهاراً نهاراً ، ويتنكر لحركة قدمت كبار قادتها وأبناءهم  و زوجاتهم  شهداء و معتقلين و مطاردين في سبيل الله .؟!
إن الحقيقة الكبرى التي لا مراء فيها أن  حركة حماس أعادت الصراع مع الصهيونية إلى جذوره التاريخية ، فهي الوحيدة التي تذكر الأنظمة العربية بأن إسرائيل لم تزل عدواً، وليست حليفاً في مواجهة الربيع العربي ، وهو أمر يحرج هذه الأنظمة ، ويكشف زيفها ، وخداعها شعوبها ، على مدار عشرات السنين .!
و الحقيقة الصارخة في قرار المحكمة المصرية هي إنه العدوان نفسه على الشعب الفلسطيني :
إسرائيليـًا كان أم عربيـًا..!!
والحصار .. هو الحصار ..
إسرائيليـًا كان أم عربيـًا..!!
وإذا كان لا بد من التمييز بين الحصارين فلنقل إنهما متشابهان في الصيغة ، ومتوافقان تمامـًا في الأهداف والغايات .!
فلم يبق أمامنا في ظل هذا الزمن الذي أصبح فيه "العجز" سمة عربية ، و" الخيانة القومية " وجهة نظر ، إلا أن نقول : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) ..!!
قال تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانـًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } .     صــــدق اللــه العـظـيــم

2015-03-01