الأربعاء 7/11/1445 هـ الموافق 15/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
اسئلة مشروعة، قيادة ازمة، ام ازمة قيادة؟ /احسان الجمل

نعم لا شك بوجود مناخات، ورمال متحركة، تشكل حاضنة لاي تحرك، سواء كان ايجابيا ام سلبيا، وما يحدد ذلك هو طبيعة اهداف القوى التي تقف وراء التحرك.
انسداد افق التسوية، مصحوبة بسرطان استيطاني انتشر في جسم الوطن، وهروب من التزامات دولية وعربية عمقت من الازمة المالية والاقتصادية، وحالة الانقسام البغيض، ثم شظايا ما يسمى بالربيع العربي، اضافة الى عوامل اخرى اثرت على مسار الوضع الفلسطيني، رغم اصرار وارادة القيادة الفلسطينية على التمسك بخياراتها السياسية والاستراتيجية، متجاوزة كل الضغوط والاملاءات التي تمارس دوليا وعربيا، لثنيها عن خياراتها.
وفي وقت تعاني السلطة الوطنية ما تعانيه من حصار سياسي واقتصادي، وتشكيك في مصداقيتها من خلال فتح ملفات مشبوهة في توقيت مريب يرمي حوله اكثر من علامة استفهام، ولحظة سياسة راهنة تحتاج فيها الى الوحدة الوطنية والاستقرار الامني، لابحار السفينة قريبا الى الامم المتحدة لتقديم الطلب الفلسطيني لنيل عضوية دولة غير مراقب.
كل هذا كان يتطلب التفاف جماهيري الى جانب القيادة في تمسكها بالثوابت الوطنية، انطلاقا من تفهم حجم الضغوطات التي تمارس عليها في المرحلة الحالية. وحمايتها من السقوط في اي ابتزاز سياسي تحت ضغط الظروف.
والكل بعيدا عن حالة الصم  وسمعوا الكونغرس الامريكي الذي لوح بالعقوبات، اذا ما توجهت القيادة الى الامم المتحدة، والتهديدات الاسرائيلية التي اعتبرت ذلك خطوات احادية، وعبر ليبرمان عن البواطن الاسرائيلية تجاه الرئيس ابو مازن، واعتبره يمارس الارهاب الدبلوماسي والسياسي على العدو الاسرائيلي ويشوه صورته امام الرأي العام، وهدد بخطوات تجاه الفلسطينيين كالاستيلاء على اموال الضرائب. وخلق ازمة اقتصادية تشكل مناخا لعمليات التخريب الداخلي.
لذا، على الجمهور الفلسطيني ان يميز بين احتجاج حضاري سلمي يؤتي ثمره، وهو حق مشروع اقره الدستور والنظام السياسي وفق اقنية مرعية الاجراء، وهناك قرار سياسي بحمايته، واول من شجع عليه الرئيس ابو مازن. وبين فوضى يقوم بها اشخاص غير مسؤولين قد تكون عفوية ناتجة عن ضغط حياتي ومعيشي تشكل احتقانا يتفجر بشكل عفوي وبريء من دون خلفيات سياسية، ولن اذهب الى نظرية التخوين للارادة الشعبية الصادقة، لكن هناك من يمتطي الموجة ليحرفها عن سياقها الطبيعي، وهؤلاء هم المرتبطون بقوى خارجية وخاصة الاحتلال الاسرائيلي صاحب المصلحة الاولى في الفوضى. وعلى الشعب الادراك ان الازمة الحالية اساسها واقع الاحتلال والضغط الدولي، ولا يمكن اغفال او اهمال بعض العوامل الداخلية وخاصة المرتبطة بالاحتلال.
ان الشعب الفلسطيني وعبر تجربته الفريدة واع ويعلم ما يجري لقضيته، واعتقد جازما في الوقت الراهن، لا شعب يملك رئيسا شفافا كالرئيس الفلسطيني ابو مازن الذي شخص ووصف الازمة من الفها الى يائها في مؤتمره الصحفي قبل ايام، واكد رغم كل ذلك نحن متمسكون بثوابتنا والموقف السياسي، ولكن على الخلية الاولى ان تساعد الرئيس بالنزول الى القواعد الشعبية واعلامها بطبيعة الازمة واسبابها والحلول الناجعة للخروج منها، وغير ذلك نصبح امام اسئلة مهمة، على المستوى الوطني هل يملك الشعب الفلسطيني قيادة ازمة، ام ازمة قيادة. وعلى المستوى الفتحاوي، هل هناك خلية ازمة، ام ازمة خلية اولى؟؟؟ وخاصة ان هناك الكثير من التصريحات المتناقضة او في الحد الادنى تفتقد التنسيق، فهل يجوز ان يطالب احدهم بعدم تسديد فواتيرالمياه والكهرباء عن قطاع غزة، وان يساهم اخر في تحريك النقابات في جو قابل للاستغلال، اين التوجهات المركزية من ذلك؟.
على الرئيس ابومازن اطلاق يد اجهزة الأمن للوقوف في وجه كل من يعتدي على مقدرات وممتلكات الشعب الفلسطيني . لان هناك تراكمات من اغتيال محافظ جنين الى العقيد هشام الرخ وما بينهما. ولا يمكن الاستخفاف بأمن الوطن والمواطن، وليدرك الجميع ان الاجهزة الامنية قادة وكوادر وافراد هم ابناء الشعب الفلسطيني، والاكثر سهرا على امنه، فلا يمكن إلا ان ترفع لهم قبعة الاحترام، بدل القبضات.
وعلى أبناءالشعب المخلصين الشرفاء تشكيل لجان لحماية الشوارع والمؤسسات الخاصة والعامة من تخريب واعتداءات الخارجين على القانون ، ان التظاهر والاحتجاج لا يتم بهذه الطريقة ، والأجهزة الأمنية ليست حرس حدود ولا حواجز إسرائيلية !! المرجلة تكون على العدو والعدو واضح ، ولا يحتاج الى ارشاد. وايضا ما داموا قادرين على التظاهر والضغط، فليمارسوه في سبيل انها الانقسام البغيض.
هنا اعود الى تساؤل عضو اللجنة المركزية محمود العالول ابو جهاد والذي لم يحصل على جواب، ما هو هدف اسرائيل ان تفتح حدودها امام الفلسطينيين في رمضان المبارك والفطر السعيد؟ وعن نتائج تلك الخطوة، وانا اكرر التساؤل، واقول هل بنت اسرائيل بعض الخلايا التي تمارس دور الطابور الخامس فيما يجري في مدن الضفة؟؟؟ انها اسئلة مشروعة.
لقد اصبحت اللعبة مكشوفة، ولن نسمح بها فوق التراب الفلسطيني، لنا ربيعنا الخاص، لا نريد ربيعهم، الذي يبدأ بصرخة احتجاج، ثم مطلب الاصلاح، فشعار اسقاط النظام السياسي، ثم تدمير بنى الوطن.
لقد اطلق الرئيس الربيع الفلسطيني، المتمثل بمقاومة الاستيطان، وتعرية الاحتلال، والتوجه الى الامم المتحدة، والاصرار على انهاء الانقسام ، لتتوحد الجهود جميعها لدعم هذه الاستراتيجية التي ارهبت العدو الاسرائيلي ووصفها ليبرمان بالارهاب السياسي والدبلوماسي.
ان المسؤول الاول على ما يجري هو الاحتلال وهو المستفيد الاول. ولكن هناك من يتقاطع معهم في هدم مداميك السلطة، والانقلاب عليها، وهذه الخيانة بحد ذاتها.
ليسمح لي الرئيس ابو مازن، ان اخرج عن النص في  مشروع المصالحة، والاصرار عليها، وامتلاك ارادتها، وانا من المتمسكين بها، ولكن الحب ايها الرئيس ابو مازن لا يكتمل من طرف واحد. فليس المهم ان تعتبر حماس جزء من النسيج الوطني، والعمل على تنسيبهم للمشروع الوطني، هذا المنى لو كان بالمستطاع. لكن الاهم  هو ان يعترفوا هم انهم جزء من ذلك، وانهم لا يمتلكون المشروع البديل، ويا ليته في اطار التنافس الديمقراطي حول شكل النظام السياسي. لكن لديهم المشروع المتصادم مع المشروع الوطني، والملغي له، والعمل وفق اجندة هي امتداد لمشروع الامة الجديد الذي يبتلع القضية الفلسطينية، وتضيع في ثناياه.
نعم، ايها الرئيس ابو مازن، وانت الذي قلت بالامس القريب( لن نكرر نكبة العام1948)، لانهم من تعتبرهم ابناء جلدتك يريدون نقل تجربة القطاع الى الجناح الاخر في الضفة، وكل تصريحاتهم، واساليبهم التحريضية على مواقعهم الاعلامية والاجتماعية تؤشر الى ذلك، فلا تمارس سياسة النعامة بسبب اخلاصك وصدق نواياك، وإلا فأن النكبة التي ترفض تكرارها قادمة لا محالة. كل المخلصين معك ايها الرئيس ولا تنظر الى الوراء، بل الى ما يخدم شعبنا وقضيته، وانت ربان السفينة، فليكن ساريها عاليا خفاقا.
وللتذكير ان انتفاضة عام 2000 فجرها شارون وتم فيها اغتيال الرئيس ياسر عرفات، واما انتفاضة اليوم يفجرها  اتباع احفاد شارون الذي يبعد ايضا تاريخ مجزرته في صبرا وشاتيلا اياما معدودة، ويبدو انهم باقون على العهد، فهل ستكون فيها نهاية الرئيس ابو مازن كما وعد بذلك ليبرمان ؟؟ وهل تحمل في ثناياها تمهيدا لانقلاب اسود يعم خلاله السواد بقية الوطن .... فأين الوعي مما يجري ؟؟
احسان الجمل
مدير المكتب الصحفي الفلسطيني – لبنان
[email protected]
[email protected]

2012-09-11