الجمعة 17/10/1445 هـ الموافق 26/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
العربي وتفاعلاته مع القيم الإنسانية...سمير الهنائي

كتبت منذ سنوات على حسابي في الفيس بوك عبارة مقتضبة  (كلنا دواعش ولكل منا طريقته للتعبير عن داعشيته نسب وتناسب) لذلك أمتعض عندما أستمع أو أقرأ منشورات الدعم من الاعلاميين والصحفيين والأخوة العرب الذين يؤيدون روسيا في إبادتها للشعب الأوكراني وتعليقاتهم حول عمليات القتل و الوحشية التي يتعرض لها الشعب الأوكراني لاتبيح لك الرقص على الجراح، فمهما كانت مبررات الحرب في المفهوم الفلسفي بأنه لدواعي سياسية ومصالح كبرى، الا أن الإنسان يجب أن يكون أسمى من كل شي ، فيبقى هناك شعوب عزل لا ناقة لهم و لاحمل لها في ماتفعله الألاعيب والأنظمة السياسية القذرة في العالم ، فأن التعطش نحو الدم بات غريزة لدى بعض الاخوة العرب ، ومن الضروري جدا أن ندرس ونحلل هذه الظواهر كقضايا العنف والتعصب لدى الفرد العربي ،وعلى الرغم من تفسخ الفكر الغربي من الإنسانية بحكم تحويل الانسان إلى مادة وان على القوي أن يلتهم الضعيف، فنحن نطمح لنكون شعوب ذات قيم وأخلاق إنسانية،شعوب عقلانية تقدس الإنسان وكرامته وعقله ومن ثم تحترم دينه ، ومعتقداته وتكرس نفسها في البحث وطلب العلم من أجل أن ترتقي البشرية حضاريا وفكريا ومعرفيا ، فلا فائدة من التمدن والتحضر المدني دون أن يكون لنا حضارة ترتقي وترقي الإنسان في درجة عالية قبل المادة.

ومن هذا المنطلق وفي ظل حالة المخاض التي تحيط بالغرب والشرق على حد سواء آن لنا الدفع بالإنسانية للأمام ونشر السلام وثقافة حرية الرأي المسؤولة ، ومناقشة جميع الظواهر والمعوقات التي ساهمت في بث العنف وإظطهاد الآخر في ظل شعوب أسلاميه ودين يدعو للحرية والرحمة والتسامح والعدل والمساواة والحق ، وهذا دور المصلحين والدعاة الحقيقيين والعلماء العقلاء الذين غير متزمتين أو متشددين في ديننا الجميل والعظيم كما على المثقفين الكبار والمفكرين أن ينيرو الدرب امام الجميع مهما كلف الامر من تصدي أو رفض ، ومن الضروري جدا أن نتخلص من الخلافات ذات المسائل الفقهية المختلف عليها وأن نترك الكتب التي ألفها ونشرها البشر التي لا تطابق مع كتاب الله وحتى ان كانت قريبه فهي ليست سوى أجتهادات فردية لبشر مثلنا كتبوها  تحت عدة ظروف فسيولوجية وسكيولوجية يتعرض لها اي إنسان في هذا الوجود ، فمنهم من ينسى ومن يكذب وينفعل ويبالغ وفيهما المتشدد والعاطفي والمكتئب والعصبي ، لذلك مثل هذه الكتب التي ألفها عدة فقهاء وشخوص عبر مر التاريخ حان الوقت لتركها بل حرقها لكي نخرج الدين الاسلامي من الظلام إلى النور ، وأن نعتد بالقرآن الكريم وحده فقط وأن نترك التفسير لكل إنسان يتأمله بعقله وفكره وحواسه وعواطفه دون أن يكون هناك احدا يفكر أو يفسر عنه ، لان الله خلق الانسان وميزه بالعقل ويحثنا الله بصورة مفرده فرديه في آياته بأن نقرأ ونفهم ونتدبر كتابه ومحتواه، فليس من الضرروري نترك الآخرين يستخلصون ويفكرون عننا في كتاب الله ، وكما اشرت سابقا فأن هذا الإنسان الذي ميزه وكرمه الله عن باقي مخلوقاته يتعرض لكيمياء وبيولوجيا تجعله يحزن ويبكي ويضحك ويبتسم ويرقص ومن ثم يخطى أو يصيب وتارة يميل للهوى وتارة اخرى ينظبط فهو كائن طرئ ومرن مع كيمائه متفاعلا مع حاضره وواقعه وما يحيط به ، ورغم كل هذا يحثنا الله دائما عن الغلو في الدين والتزمت ، لذلك علينا أن نخرج بهذا الدين القيم إلى النور لكي نرتقي في الإنسان مهما يكن لونه ودينه وجنسه ، ونتيح له الحرية المسؤولة في كل مايتفاعل معه وأن نحترمه ، ورغم تدخلات الأنظمة في تخدير الشعوب عن طريق المؤسسات الدينية من أجل الخنوع والتستر عن الفساد والظلم وتبريره بأسلوب ديني الا أن الفرد قادر على التغيير بالوعي بنفسه و بالقرأءة والتعمق والبحث وراء المعرفة لكي يصل إلى الحقيقة التي من خلالها سوف يكون بداية الطريق إلى الله وإلى سمو الإنسانية التي ستقود عالمنا العربي لبناء حضارة كبرى .قد أكون حاولت هنا تلخيص وربط حالة وواقع الفرد العربي ومدى ماوصل أليه من عنف وتشدد وتعطش للوحشية على حساب تفاعلاته الكيميائية ونشوته في الأنتقام وقسوته على الإنسان الاخر وعلينا كبشر أن نرفض الدماء و الحروب بكافة أنواعها وأشكالها وأن نقدم الإنسان قبل المادة وأن نشعل النور في العالم ،خصوصا في عالمنا العربي الذي بفضل أختلافاتنا الدينية والمذهبية والسياسية قاتلنا بعضنا البعض ونقضينا كلانا على الاخر .

سمير الهنائي-كاتب عماني

2022-10-31