السبت 18/10/1445 هـ الموافق 27/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
“توكا الإسرائيلية للتجسس العميق بواسطة كاميرات الشوارع”.. أقرب إليك من شراك نعلك وتخترق غرفة أطفالك

في 19 كانون الثاني 2010 تمت تصفية محمود المبحوح في دبي، وهو من مؤسسي الذراع العسكري لحماس، والمسؤول عن تهريب السلاح إلى غزة. بعد شهر من ذلك، فاجأ قائد شرطة دبي إسرائيل والعالم عندما كشف عن وجه نحو 30 عميلاً للموساد شاركوا في عملية التصفية. هو فعل ذلك بعد أن أجرى التحقيق لساعات طويلة من التسجيلات في عشرات كاميرات الحماية التي غطت كل زاوية داخل الفندق والمجمع التجاري القريب ومطار دبي، ووثقت خطوات العملاء الإسرائيليين. لو كان لإسرائيل في حينه تكنولوجيا شركة السايبر الإسرائيلية “توكا” لتجنبت كل ذلك.
الشركة التي أقامها رئيس الحكومة السابق إيهود باراك مع الذي ترأس منظومة السايبر في الجيش، والتي يتم كشف قدراتها هنا للمرة الأولى، تبيع تكنولوجيا تمكن الزبون من العثور على مكان كاميرات الحماية وكاميرات الشبكة في منطقة جغرافية معينة، وتمكن من اختراق سور الحماية والمشاهدة في الوقت الحقيقي وببث حي من داخل الكاميرات، وتغيير البث المباشر والتلاعب بمن يشاهد البث، وإذا أراد تحرير التسجيلات من هذه الكاميرات بأثر رجعي فله ذلك أيضاً – هذا ما يتبين من وثائق داخلية للشركة التي وصلت إلى “هآرتس”.
“توكا” أقيمت في 2018 وهي تعمل من مكاتب في تل أبيب وواشنطن، تسوق قدراتها الخاصة لأجهزة الشرطة المحلية والجيوش ووكالات إنفاذ القانون والأمن وجهات تجسس حول العالم، وتعمل أيضاً تحت رقابة وزارة الدفاع الإسرائيلية. من بين زبائن الشركة دولة إسرائيل نفسها. وحسب الوثائق، فإن الشركة أغلقت صفقات مع وزارة الدفاع بمبلغ 6 ملايين دولار، وخططت للتوقيع على اتفاق آخر في إسرائيل بمبلغ مليون دولار، بما اعتبر “توسيعاً لنشاطات قائمة”. لم ترد “توكا” على سؤال الصحيفة بخصوص نشاطاتها في البلاد.
قبل شهر، نشر قراصنة من إيران فيلماً للعملية التفجيرية في القدس، الذي مصدره كاميرات متابعة الطرق لجهة أمنية كبيرة في إسرائيل. هذا الأسبوع، كشف في “كان 11” بأن إيران نجحت في اختراق هذه الكاميرا قبل سنة. منتوج “توكا” استهدف عمل ذلك بالضبط، اختراق منظومة شبكات حماية وشبكة ومراقبة بث مباشر ومشاهدة أرشيف التسجيلات. ولكن “توكا” تعرف أن بإمكانها فعل أكثر من ذلك بكثير.
في حين أن سوق السايبر الهجومي الإسرائيلي، الذي يشمل بين شركات أخرى شركات مثل “ان.اس.أو” و”كنديرو”، يركز على اقتحام مركز أكثر لأجهزة مثل الهواتف المحمولة أو حواسيب، فإن توكا تعمل في حقل أوسع، كما شرح مصدر يعمل في المجال، على خط التماس بين السايبر الهجومي والمعلومات الاستخبارية المفتوحة والمتابعة.
ثمة عرض تقديمي للشركة حصلت عليه “هآرتس” من السنة الماضية، وهو يوضح بالتفصيل أدوات فريدة تسمح “باختراق أجهزة الاستشعار المتصلة بالإنترنت لجمع المعلومات الاستخبارية والاحتياجات التشغيلية”، وتحديد منطقة جغرافية معينة على الخارطة وتحديد أماكن الكاميرات النشطة فيها. عرض الفيديو من الكاميرات والتحكم فيه والارتباط بمنظومة مركبات ذكية من أجل أن يتم أخذ مكان ومسارات السير ومعلومات أخرى منها. حسب الشركة، سيكون للزبون الذي سيشتري منظوماتها إمكانية أن يشاهد ببث مباشر أرشيف التسجيلات للشركات بصورة سرية، والتلاعب بالبث المباشر والتسجيلات من أجل “إخفاء عمليات تحدث في المنطقة”.
كاميرات الحماية وكاميرات الشبكة موجودة الآن في كل مكان (في مفترقات الطرق وزوايا الشوارع والمحلات التجارية والفنادق والمطارات)، كما يتم تركيبها أيضاً داخل البيوت والصالونات وغرف الأطفال وحتى على الجرس الذكي على باب البيت. وجميعها مشبكة، وتبث فيديو حياً للفضاء من أجل مشاهدتها من خلال الهاتف الذكي (سواء للاستخدام البيتي) أو في مركز مراقبة متطور (مثلاً شرطة السير أو بلدية تل أبيب). يمكن أن يكون لتكنولوجيا “توكا” استخدامات كثيرة، على الصعيد الاستخباري والعملياتي. في حالة حدث متطور، يمكن لهيئة إنفاذ القانون الارتباط بكاميرات في الساحة ككاميرات لأجهزة السلطة، شركات أو أشخاص أفراد، ومتابعة ما يحدث. إذا كانت هناك حاجة إلى اختراق منشأة مليئة بكاميرات الحماية، يمكن لجسم عملياتي جمع المعلومات والتلاعب بالفيديو الذي يتم بثه مرة أخرى لمركز مراقبة العدو، بحيث لا يعرف أبداً بما حدث أو يحدث في المكان. من غير المعروف إذا كانوا استخدموا تكنولوجيا توكا فقط للأغراض الاستخبارية والعملياتية، أم أنها استخدمت لجمع الدلائل.
في فيلم “اوشنز 11″، تخترق مجموعة من المجرمين خزنة كازينو في لاس فيغاس بعد أن اخترقت منظومة كاميرات الحماية و”بثت” فيديو مزيفاً لخزنة مشابهة إلى مركز المراقبة. وفي الوقت الذي كان فيه اللصوص يعملون بهدوء من أجل الاقتحام، لم يكن رجال الحماية يشاهدون ما يحدث. عودة إلى العالم الحقيقي: مع ذلك، إذا حدث شيء ما تم تسجيله، فعندها على الأقل، حسب وعود شركة توكا، يمكن للزبون أن يحرر التسجيلات من جديد، بحيث لا يبقى شيء منها. وثائق تقنية للشركة، التي تم فحصها بناء على طلب من “هآرتس” على يد قرصان، تدل بصورة قاطعة على قدرة التشويش، سواء على البث المباشر أو على المضمون المسجل، هذا دون أن يبقي الاختراق أي دلائل رقمية. هذا خلافاً لاختراق الهاتف المحمول بواسطة برامج تجسس مثل بيغاسوس أو بريدتور، التي تترك دلائل يمكن العثور عليها وتمكن من تشخيص حدوث اختراق في وقت لاحق.
من توكا جاءنا الرد بأن الشركة تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع الإسرائيلية. وطبقاً لذلك، فإنه محظور عليها أن تكشف آليات الحماية لمنتجاتها. لم تجد توكا حتى الآن أي استخدام غير قانوني لمنتجاتها، وإذا ما تم اكتشاف مثل هذا الأمر، فستنهي الشركة الصفقة مع الزبون فوراً.
بقلم: عومر بن يعقوب
هآرتس 23/12/2022

2022-12-24