الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ثقافة التخلف الوطني!! ... عبد الهادي شلا

 لأنني أعرف مصر وشعب مصر"الحقيقي" فقد أثارني ما تناقلته الصحف على لسان الكاتبة "لميس جابر" تطلب (طرد الفلسطينيين من مصر ومصادرة أملاكهم وتجارتهم) !! ولست هنا لأؤكد على ما هو مؤكد أصلا ،بأن العلاقة الأزلية بين شعوب المنطقة حكمتها مقومات كانت تتصدر المناهج الدراسية إلى وقت غير بعيد "اللغة – الدين - المصير المشترك – التاريخ ...إلخ". ولكنني أعرف أن هذا الرأي من الكاتبة ومن غيرها ممن "طفــَح" بهم الإعلام المصري في كثير من فروعه إنما هم من فرز شيطاني غير مؤمن بوطنه ولا بحقه في الحياة،بل يعيشون عالما غيبيا بعيدا عن تطور الحياة ومسيرتها التي تعشش في خيالهم المريض، متغاضين عن واقع محيط بهم خلفته سنوات أنظمة فاسدة أتت على كل مقومات الحياة وكان هؤلاء المتأزمون من فرز هذه الأنظمة الحاكمة والمنتفعين في بلاطهم. إن ما تكتبه هذه الأقلام وما يصرح به هذا "النموذج السيئ" للإعلام في مصر يجعلنا نتأمل واقعنا بشكل أفضل وسط هذا الضجيج الذي تداخلت فيه وتشابكت أفكار لم تكن في يوم من الأيام جزء من ثقافتنا العربية! أقول العربية.. هل مازالت كلمة الأمة العربية متداولة في ثقافتنا ؟ هل مازال منا من يذطق كلمة القومية العربية ويأتي على سيرة الوحدة العربية ؟ هل مازالت قضيتنا المركزية هي فلسطين ؟ التي فقدنا من أجل تحريرها آلاف الشهداء والكثيرمنهم مصريون؟! لو عاد هؤلاء المتخلفون عن الركب إلى سنوات غير بعيدة في ثقافتنا الوطنية لوجدوا أن " نحـنُ" التي كانت جوهر الثقافة الوطنية على مر الزمن قد تقهقرت خلف " الأنــا " التي يتغنى بها الإعلام العربي اليوم وذلك بسبب هذه النظرة الضيقة التي يبشرون بها في كتاباتهم. يبدو أنه وفي ظل الحالة العامة الغير متوازنه التي تمر بها مصر بما يتربص بها، فقد هؤلاء الكتاب توازنهم العقائدي أيضا فكفروا بكل القيم التي جعلت منا أمة حاولت الخروج من عباءة الولاء للمستعمر القديم حين حصلت على إستقلالها وبدأت مسيرتها نحو العلم والصناعة وإعداد الإنسان العربي بقيم ومفاهيم ولاء خالص للوطن. ويبدو أنهم لم يدركوا أنه لم يسلم الوطن ولا الإنسان من شرور أعدائه الذين كانوا يتربصون به ليقينهم بقدراته الخلاقة فبدأوا بمحاربته بثقافة مغايرة زرعت في عقول ممن هم محسوبون علينا أقلاما وإعلاميين . والأكثر من ذلك أن هؤلاء" أقلاما وإعلاميين" قد وجدوا أتباعا من المنتفعين وضعاف النفوس يرددون مقولاتهم ويستشهدون بأرائهم وهنا تكمن المصيبة حين تتحول الثقافة الوطنية إلى مسخ يمس العقول والقلوب فينتج عنه مثل هذا التحريض على الشعب الفلسطيني أو شعب عربي أخر من الكاتبة المذكورة ومنهم على شاكلتها. لن تكون هذه الكاتبة أخر من يكتب في مثل هذا الأمر،ولن أكون أخر من يرد على مثل دعواها بل هناك ملايين المصريين أقلامهم وعقولهم أكبر وأكثر وعيا بما يحاق بمصر وبالأمة العربية. ولا يحتاج الشعب المصري إلى من يذكره أن دم أبنائه ودم أبناء الشعب الفلسطيني مزجت وسالت على أرض فلسطين من أجل فلسطين وحماية مصر. ومن لا يرى أو يتفكر فليعيد قرأة الواقع بعين مختلفة وقلب واع ،ويقارنه بما شهد به تاريخ منطقتنا منذ ما قبل الرسالات السماوية وحتى تفجــُر الوضع بثورات ربيعية مازلنا ننتظر تفتح أزهارها الحقيقية!.

11 يوليو 2015

2015-07-12