الثلاثاء 13/11/1445 هـ الموافق 21/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أطفال في المطعم! / فراس عبيد

عندما يصل الأطفال إلى صفوف الابتدائية، سيحبون اكتشاف الحياة أكثر، وربما يشبهوننا نحن الكبار، على الرغم من تعجبنا منهم وضحكنا على براءتهم الفريدة.
جلس الأطفال مع والديهم في مطعم برام الله، وأخذوا يتمتعون بفكرة (الطلب) ثم تذوق ما أتى به الصحن وسط نظرات إعجاب طفولية لا تعوض.. وربما كانت إحدى وظائفنا نحن الكبار أن نهيىء للصغار جميع الأجواء الملائمة لنموهم الصحي الكامل.. فها نحن نغذيهم ونصحبهم للمطعم!
فجأة.. احتدت الطفلة قائلة: بابا.. هناك شخص يدخن خلفي فلا أستطيع التنفس، كما لا أستطيع تناول الطعام، وأصلا لماذا يدخن في المطعم هذا الشخص المزعج؟!
أطرقت برأسي حزنا وعجزا وغضبا، ورمقت المدخن بنظرة غريبة كما رمقت صاحب المطعم.. وقلت: يا ابنتي الغالية، لا يوجد قانون يمنع هؤلاء من ممارسة هذه العادة المؤذية داخل المطاعم والمقاهي، ولهذا لا نستطيع فعل شيء.
فقالت: لماذا لا يوضع قانون.. ألا يعرفون أن هناك أطفالا يمكن أن يتأذوا! ألا يعرفون أن الدخان مميت!..
قلت: اسمعي.. حاولي أن تنهي طعامك ولنخرج من هذا المكان بسرعة..
وهنا وقفت مع نفسي متألما!
ما ذنب الطفولة؟!
وإلى متى يبقى مجتمعنا متخلفا وضائعا بين بلدية ومحافظة ووزارة صحة ومجلس تشريعي ومجلس وزراء... جميعهم مُدانون، ومُقصرون، ومُدّعون.. أنهم حماة للأجيال وبناة للوطن!
كل يرمي اللوم على الآخر.. والدخان سيد الموقف، ولا عزاء لغير المدخنين، ولا عزاء للأطفال.
وخلافا لدول العالم المتحضر، يقوم المجتمع الفلسطيني بالتشريع لصالح المدخن، من خلال صمته الآثم.. وينزعج بعض نخب مجتمهنا بعد ذلك إذا وصفنا المجتمع بالمتخلف وجاهرناهم بحقيقة أن التدخين هو من صفات الشعوب والدول المتخلفة!

دخنوا.. دخنوا.. ولا تتركوا مجالا لطفل ولا لغير مدخن حتى يقترن بهذه العادة العظيمة.. بل وزعوا الدخان على أطفال المدارس وبيعوه على مداخل الوزارات والمؤسسات الحكومية كافة – فرصة لزيادة الدخل الحكومي!
لا حرمكم الله منه..
وأعانكم الله على هموم بناء الوطن وتحرير الأسرى..
والرواتب.. وما شئتم..

2013-02-18