الجمعة 17/10/1445 هـ الموافق 26/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
سلام فياض لقد حان الوقت....م. زهير الشاعر

 عندما ذهب رئيس الوزراء السابق د. سلام فياض إلى قطاع غزة، فاتحاً قلبه وعقله لأسئلة الناس، متحدثاً بروح وطنية عالية وصادقة عن التوافق الوطني والمجتمعي، مؤكداً أنه لا حل بدون غزة ولا دولة بدون غزة، وأن الحل يبدأ من غزة ، خرجت في إثرها بعض الأصوات الساذجة- المؤلفة جيوبها والفاقدة للبوصلة الوطنية، وبعض من كانوا يُسَبِحُونَ بشكره ويلهج لسانهم بالثناء عليه عندما كان يترأس الحكومة لسنوات طوال- لتهدد وهي تهذي بالوعيد والتحريض ضد الرجل متناسية بأنه بتلك الخطوة الشجاعة جعلت كل من كان ضده يصطف معه، حتى أولئك الذين شككوا بنواياه من وراء تلك الزيارة وأولئك الذين اختلفوا معه من قبل، وأولئك الذين تهجموا عليه، يعرفون في قرارة أنفسهم أنه أكبر مما يقولون عنه، وأنه كان أكثر جرأة وشجاعة وصدقاً منهم،  وبأنه ليس مأجوراً كما هم مأجورين، وان تصرفاته تتسم  بالحكمة المدروسة التي  تنتمي إلى فئة الكبار، تصرفات وزانة تليق برجل دولة ، وبالأمس عندما زار روضة أطفال بمناسبة عيد الأم جسد هذه الرؤية ، فكان واثقاً من نفسه ويسير بخطوات ثابتة كأنه يقول بأنه لا زال عنوان، فلم لا ، ومن يعرفه عن يقرب يعرف بأنه رجل من أهله وشعبه وقريب لهم ومنهم ، متواضع النفس ، خلوق ، مبادر ، لا يبخل بالمساعدة قدر المستطاع إن طلبت منه ، لا بل ما لا يعرفه الكثيرين عنه، أنه على إستعداد لأن يقتسم ما يملك من أجل أن يفتح بيت أو أن يساعد طالب أو أن يخفف ألام محتاج.     

رأيته في عدة مشاهد وهو يشارك المزارع في قطف الزيتون ويذهب للقرى في الصباح الباكر ليتناول رغيف الزعتر وكأس الشاي وحبات الزيتون الأخضر مع أهلها الأطياب مفترشاً الأرض بتواضع الإنسان، ولو سمح لي هذا المقام لكي أسرد حقائق عن أخلاقيات الرجل كإنسان ستزلزل البعض وستخزي خصومه وستطأطئ رؤوس الذين يحتجبون عن الناس ويتعاطون معهم بفوقية، ولكني أكتفي بما سبق من ناحية حديثي عنه كإنسان حتى لا يفسر كلامنا بعيداً، ويقال في هذا الكلام غير ما نريد من هدف حميد يخدم الفكرة ويهذب النفوس ويخفض تعاليها ليعيدها لإنسانيتها!.                                                                                 

في الأيام الماضية طرح موضوع المفاوضات السرية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل حول السيادة على مناطق "أ"، وتابعت الأمر بحذافيره، وما صدر من نفي لاحق من د. صائب عريقات حول صحة الأمر ولكن الذي يجب أن يكون معروفاً للشارع الفلسطيني هو أنه في عهد حكومة  د. سلام فياض  كان يطرح هذا الأمر بشكل مستمر وبإلحاح ولكن قيادة السلطة كانت تتجاهل ذلك بحجة أنها كانت ماضية في اتجاه نزع الاعترافات الدولية، مراهنة على الوهم الذي باعته للشعب الفلسطيني الذي حرصت من ورائه على ضمان بقائها بشكلها الحالي حتى اللحظة ، وقد كنا كشفنا فحوى ذلك في مقالات عدة سابقة .                  

هذا يجعلنا نسأل لماذا لم يُعطَ كلام د. سلام فياض في حينه أي اهتمام ؟ ولماذا تم العمل على استبعاده في تلك الفترة؟ ولماذا استمرار محاربة أي نشاط  له في الساحة الداخلية؟!، أليس في هذا التسلسل ما يقال؟!.

من يستطيع أن يربط الأحداث القائمة مع بعضها ويجيب على الأسئلة التي طرحت سيعرف حقيقة ما يحدث وما حدث، وبأن الفترة الماضية لم تكن تتسع لأي إنسان لديه مبادرات وطنية توافقية أو تعني بالبناء والإستثمار في الوطن، وما يدلل على ذلك أن النتيجة الأن صفر كبير على الأرض من الناحية الوطنية، فلا إتفاقية سلام ولا تفاوض ولا تسهيلات، -حتى تسهيلات زيارة أهل غزة للمسجد الأقصى تم التراجع عنها بالأمس- والوطن يعيش حالة اختطاف وضياع أراضي الضفة، وفصل القدس عنها وما تبقى إلا كنتونات لا يمكن ترابطها إلا من خلال رجال دولة أصحاب رؤية، وفي تقديري أنه قد حان الوقت لذلك، لأن الوطن يحتاج الأن وليس غداً لجهود رجل كـــ سلام فياض ليكون جامعاً ووسطياً يستطيع أن يرمم الخراب ويلم الشمل، ويبدأ بمرحلة البناء ويؤسس لمرحلة حكم القانون والمؤسسات وتداول الحكم، ويتجاوز مرحلة الهدم والإقصاء والتفكك والإنقسام ويحتوي المشاكل القائمة من خلال العمل على إعادة الكرامة المسلوبة من أبناء الوطن على أساس أن يكون ليس موظفاً بل صاحب قرار ، فهل سيقبل بهذا سلام فياض؟ ، وهل ستقف جميع الأطراف لحظة صدق  وتتجاوز الخلافات والتحفظات لتبني هذا الطرح من أجل إنقاذ الوطن من الضياع ؟!. أسئلة مشروعة حملني إياها الكثيرين من المحبطين والذين أثقلتهم الهزيمة النفسية نتيجة غياب الأمل عند أبناء الوطن لتطرح بصوت عال ولسان حالهم يقول لقد طالت مرحلة الضياع وأصبحت غير محتملة وغير مقبولة وإستمرارها يمثل جريمة إنسانية ووطنية وأخلاقية يتحمل مسؤوليتها كل صامت عن جرائمها وفسادها وتغولها على مقدرات الوطن وكرامة أبنائه.

تنويه :

أثبتت السياسات المبذولة من طرف السلطة الفلسطينية في السنوات العديدة الماضية أنها لم تنجح في لم الشمل الفلسطيني، وفي رأب الصدع الوطني، وفي منح المواطنين حقوقهم ، والكثيرين ما زالوا يتظاهرون أمام مباني ومؤسسات السلطة ومنظمة التحرير للمطالبة بحقوقهم الأساسية والفئات المقهورة والمطحونة تزداد فقرا وعوزا. وبمناسبة عيد المرأة، ما زالت المرأة تبحث عن دورها المفقود في ظل شح الموارد وزيادة البطالة، لذلك شعبنا يستحق حياة وقيادة أفضل.

[email protected]

كاتب ومحلل سياسي

فلسطين.

2016-03-21