الخميس 23/10/1445 هـ الموافق 02/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
غزه تعلن الحرب...ناجى شراب

 هذه هي المرة ألأولى التي يتخذ قرار الحرب من غزه ومن قبل حماس تحديدا بدعم وتنسيق مع بقية الفصائل. وهذا في حد ذاته يعنى تغيرا في قواعد الإشتباك والمواجهة . والحرب ليست مجرد قرار يتخذ لتحريك الجمود على الأرض ـ او لرفع حصار كان يمكن ان يتم بإتفاق تهدئه وتجنب هذه الخسائر الكبيرة الذى تدفعه غزه دائما. لقد جرت العادة ان تتخذ إسرائيل قرار الحرب وتحدد متى تبدأ ومتى تنتهى وما هوالثمن المطلوب. هذه المرة وبعد خمسة حروب وأكثر من عقدين تتخذه حماس . وهنا التساؤل عن ألأهداف من وراء هذه الحرب؟ وهل ستحقق أهدافها ؟ وهل سيسمح لحماس أن تنتصر وتفرض شروطها؟ تساؤلات كثيره قد يكون من المبكر الإجابة عليها إنتظارا لنتيجة الحرب. فالحرب بنهايتها وليس ببدايتها، فمن السهل إتخذا قرار الحرب لكن ألصعب ان تنهى الحرب وقتما تريد. فمن ينهى الحرب هو من يتحكم فى نتيجتها. وهنا الإشكالية الأولى التي تواجه حماس وقدرتها فإذا فقدت حماس قدرتهاعلى إنهاء الحرب كما تريد فهذه هي الخسارة الكبيرة والتي ستنعكس على دور حماس وعلى مستقبل القضية كلها . ولا يمكن لقرار حرب بهذا الحجم ان يكون بدون رؤية وبدون تخطيط أو إستعداد أو حتى دعم خارجى غير معلن.وأول الدلائل السياسية البعيدة أن قرار الحرب كان بمبادرة من حماس والمقاومة وهذا يتعارض ومبدأ العقيدة الأمنية لإسرائيل. وثانيا القرار يمس توصيف إسرائيل بدولة القوة وأسطورة الجيش الذى لا يقهر.هذان الأمران يفسران لنا ردة الفعل العنيفة التي تقوم بها إسرائيل من قتل وتدمير كامل للبنية التحتية والبشر والهدف ومحاولة إسترداد قدر من هيبتها وعقيدتها وسلب المقاومة اى إمكانية لتحقيق مكاسب سياسية تهدف لها. فإسرائيل تدرك ان الهزيمة لها جانبان الأول عسكرى كما راينا في عملية الإختراق والتخطيط وحجم الخسائر في الجانب الإسرائيل وفى عدد القتلى الذى فاق كل خسائر إسرائيل في الحروب السابقة . وهذا من جانب إسرائيل يمكن تقليل منه بالعملية العسكرية الضخمة ضد غزه، والهزيمة الثانية السياسية بمعنى ان الحرب في النهاية ستنتهى بتفاوض ومطالب تفرضها حماس والمقاومة أبرزها رفع الحصار بالشامل وفتح المعابر وإطلاق سراح كل الأسرى والمطلب الأخير قد يكون إقرارا وإعترافا بالهزيمة الكاملة . ولذلك تحاول إسرائيل وبدعم أمريكى وأورووبى على تصوير الحرب على أنها مع حماس وفصائل المقاومة وأن الضحايا من جانبها مدنيين وهذا بهدف عزل المقاومة وحماس ورفض للمطالب الفلسطينية . في جميع ألأحوال العملية العسكرية خلقت أوضاعا جديده في العلاقة بإسرائيل وإقليميا ودوليا. ولا شك انها ستفرض تقييما ومراجعة لكل المواقف السابقة للدول الرئيسة عربيا مصر والأردن ودوليا الولايات المتحده وأوروبا. ولعل اهم المراجعات في إغفال دور ومكانة القضية وضرورة تسويتها ، ومن أبرز النتائج التي اعتقد ستفرض نفسها أولا الحيلولة دون عودة حماس والمقاومة لقوتها وإستقلالها بغزه ،فالمسألة تعدت حالة الإنقسام وقيام الدولة وبروز الحاجة ثانية لعودة خيار الدولتين وغزه جزءا منها، والمراجعة الثانية في كيفية العودة لسلطة واحده في كل الأراضى الفلسطينية .وفى السياق نفسه وبالعودة لأهداف العملية وتداعياتها ، فهناك أهداف إستراتيجية بعيدة المدى تتمثل في حل الدولتين والإنسحاب الكامل لإسرائيل من الأراضى الفلسطينية ووقف خطط التقسيم المكانى والزمانى في الأقصى وهذه قد تحتاج لمفاوضات على أسس جديده ، والأهداف التكتيكية القريبة التي تسعى لها حماس وتتمثل في رفع الحصار الشامل وإطلاق صراح الأسرى بالكامل وهو ما يحقق لحماس الشعبية والإنتصار وهذا قد يكون مستبعدا بالكامل ، ويتوقف على عقد هدنة طويلة تصل لعشر سنوات مع تقييد للتسلح ، فمن التداعيات ذات الدلالة أن إسرائيل لن تتجاهل اى شكل من أشكال المناورات العسكرية التسلح. لكن يبقى لإسرائيل ومن منظور رفضها لقيام الدولة الفلسطينية انها تريد غزة وحماس والمقاومة بدور جديد ، وستقوم إسرائيل بفرض مزيد من القيود والتحكم في منافذ غزه ومخارجها. ويبقى كيف سيتعامل العالم مع حماس ودورها الجديد فلسطينيا وخارجيا وهل ستكون البديل الذى يمكن التعامل معه فلسطينيا. وأخيرا أعتقد ان هذه الحرب ستخلق واقعا سياسيا جديدا يقوم على إستعادة الحل والأولوية للقضية والدخول في مفاوضات جديده بمرجعية ملزمة أساسها حل الدولتين ، ومن ناحية ليس كما يعتقد البعض ان هذه الحرب ستعيق علاقات السلام العربية الإسرائيلية او تعيق المضي قدما في عمليات التطبيع مع السعودية لكنها ستقوى وجهة نظر ومطالب السعودية بالتسوية الفلسطينية وتحسين الأحوال الفلسطينية .وتبقى نقطة الضعف الإنقسان الفلسطينى وحر ص حماس على الحفاظ على كينونتها فى غزه وهذا قد يشكل احد المخارج لذهاب حماس للتفاوض والمرونة فى فرض مكطالبها فهذا يعتبر هدفا إستراتيجيا لها, وهذا يعنى العودة لما كانت علية الحالة لما قبلها.والسؤال الدائم من يعمر غزه ويعيد لها البناء والحياة ، فخيارات غزة التنمية والبناء وليس الحرب.

دكتور ناجى صادق شراب [email protected]

2023-10-10