الثلاثاء 21/10/1445 هـ الموافق 30/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حرب الكل ضد الكل....ناجى شراب

  هذه الحرب السادسة التي تخوضها حماس منذ سيطرتها على غزة إلى جانب خمسة حروب أخرى خاضتها وعندما أقول حماس فليس معنى ذلك عدم مشاركة كل فصائل المقاومة ، لكن المقصود ان الفاعل الرئيس وصاحب القرار فيها حماس. وهنا التساؤل عن الإختلاف بين هذه الحرب وسابقاتها ؟وما تدعياتها على مستقبل حماس أولا وعلى مستقبل القضية ؟ والسؤال كيف ستنتهى الحرب ومتى؟والسؤال المهم وهل هذه هي الحرب الأخيرة ؟ وما مستقبل غزة السياسى ؟ وما بين الحرب ألأولى 2008 والحرب الحالية خمسة عشر عاما .ولفهم الأهداف البعيدة لهذه الحروب لا بد من الوقوف أولا أن هدف إسرائيل وأولوياتها كانت تعميق الإنقسام السياسى ومحاولة الضغط على حماس في هذه الحروب ان تحافظ على الحدود وتقوم بدور أمنى مقابل الحفاظ على حكمها وهذا تصور خاطئ لدور حماس التي عملت على تثبيت وجودها وبنيتها في غزة . وتطوير قدراتها العسكرية وخصوصا الصاروخية , والسماح بوجود فصائل للمقاومة العسكرية. هذه التطور وصل في ذروته إلى الحرب الحالية التي أظهرت فيها حماس قدرات تكنولوجية وعسكرية في إختراقها للسياح الحدوى الإسرائيلى والذى كلف إسرائيل أكثر من مليار دولار. وهذا الجانب الذى فاجأ إسرائيل والعالم. التحول في الحرب الأخيرة وإختلافها عن الحروب الخمسة ان حماس بادرت في الحرب الأخيرة لإتخاذ قرار الحرب وهذا له دلالات عسكرية وأمنية وسياسية بعيدة المدى على مستقبل إسرائيل. وأول الدلالات أن هذا القرار مس أحد أهم مبادئ نظرية ألأمن القومى الإسرائيلي وهدد بقاء وأمن إسرائيل ، وطال من عقيدة الجيش الذى لا يقهر او لا يهزم وعقيدة إسرائيل القوية التى لا يمكن هزيمتها والإقتراب من أمنها وبقائها وهذا الإعتقاد تسنده أولا القوة التي تملكها إسرائيل ، وتحالفها الإستراتيجى مع الولايات المتحده وإلتزام أمريكا بامن إسرائيل والدعم الغربى المطلق لها. وهذا ما يفسر لنا التحرك السريع أمريكيا وأوروبيا عندما شعروا أن أمن إسرائيل وبقائها في خطر .وفى هذا السياق جاء الرد الإسرائيلي العنيف والغير مسبوق وهدفه إستعادة هيبة وقوة جيشها وكيف لفصيل فلسطيني ان يمس وجودها. وهذا التحول إنعكس في موقف إسرائيل ورؤيتها لدور حماس. ففي الحروب الخمسة ألأولى والتي لم تصل إلى هدف إعادة الاحتلال وإستئصال قدرات حماس العسكرية وكان بمقدور إسرائيل في حربها ألأولى ان تحقق هذا الهدف ، لكن ألأمور لم تصل إلى حد تهديد أمن وبقاء إسرائيل، فكان هدفها الإستراتيجة تثبيت حالة الإنقسانم وتحولها لحالة إنفصال سياسى . والحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية . ومع الحرب السادسة التحول في السياسة الإسرائيلية تصوير الحرب مع حماس والربط بينها وبين داعش والإرهاب .وهو ما يفسر لنا هذا الإنحياز الدولى لإسرائيل. وهنا لا بد من الوقوف على هدف حماس من هذا التوغل والإختراق غير المسبوق تاريخيا.ولعل من أبرز الأسباب التي تقف وراء هذه الحرب أسرائيليا تحويل حرب الكل ضد الكل . وهو المفهوم الهوبزى ، فإسرائيل تعانى من إنقسامات داخلية وإحتجاجات شعبيه كبيره على الإصلاحات القضائية التي تنوى حكومة نتنياهو القيام بها. من منظور الميكيافيلية التي يؤمن بها نتنياهو جاء هذه التوغل فرصة كبيرة لها ليحول حرب الكل ضد الكل الإسرائيلية ضد الكل الفلسطيني ، وهذا يفسر لنا إستهداف كل الشعب الفلسطيني دونما تمييز بين طفل ومسن ، يريد ان يحول الأنظار من التهديدات الداخلية ليوحد كل إسرائيل ضد الكل الفلسطيني . وهذا يفسر لنا أيضا تصريحات نتنياهو ان الرئيس عباس يقف مع غزه ومع حماس وأنه لا يوجد فلسطينيا يستطيع ان يقبل بالسلام. إنها حرب شاملة في أهدافها وتتجاوز حدود غزة لتذهب بعيدا في تصفية القضية الفلسطينية والحيلولة دون قيام الدولة . متناسيا ومتجاهلا ان هناك إحتلال وحصار له اكثر من خمسة عشر عاما ، وان هناك شعب له حقوقه المشروعة في المقاومة من اجل إنهاء الاحتلال وتذكرنا ههذ الحرب بالحرب التي قامت بها إسرائيل في عهد شارون على لبنان 1983 وحرمان أهلها من كسرة الخبز ومن قطرة المياة والكهرباء.والقاء المناشير بالخروج. هذه هي عقيدة إسرائيل انها محاطة بشعوب ودول لا تريد لها ألأمن ، هذه العقيدة هي التلى تفسر لنا حرب الكل الإسرائيلية ضد االكل الفلسطينية. والمحلل الإسرائيلي ناحوم بارينا وصف طوفان الأقصى بأنه أسوا يوم في التاريخ العسكرى لإسرائيل. ويبقى أن هذه الحرب حرب صفرية فمن ناحية إسرائيل لن تمحو حماس والمقاومة ولا المقاومة ستحقق النصر الكامل على إسرائيل. ويبقى السؤال هل ستكون لهذه الحرب نتائج وتداعيات حرب أكتوبر التي إنتهت بالسلام ،فاحرب إمتداد للسياسة , وينبغى التفكير على كافة المستويات وعلى القمة الإقليمية والدولية اتلى ستعقد بمبادرة مصرية لمناقشة الحرب التفكير كيف تكون الحرب الأخيرة ., لتكون الحرب الأخيرة لا بد من حل عادل لفلسطين يقوم على إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية .فالحروب السابقة لم تأتى بنتائج سياسية وكانت هذه هي الإشكالية الكبرى.هذه الحرب أوجدت واقعا سياسا جديدا. ولعل أبرز نتائجها ان هناك قضية فلسطينية وهناك شعب تحت الاحتلال وهناك حصار وهذا وقت حل القضية .

دكتور ناجى صادق شراب [email protected]

2023-10-17