الثلاثاء 14/10/1445 هـ الموافق 23/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ناجي العلي كان يرسم وكأنه سيموت غدا، وكان واثقا بأن حنظلة سيعيش ابدا...يوسف شرقاوي

قال له احد الفلسطينيين بأن اصحاب الكروش النتنة، إزدادوا، تكرشا، ونفوذا، ونقودا، وخدودا، ومؤخرات، و وانت ياناجي لاتملك إلا ريشتك، ودمك، تحملهما على كفك، وترسم وجعنا، والمنا، ووعينا، وستمضي كما مضى غسان كنفاني، من قبلك، بسيارة مفخخة، هو وابنة اخته لميس، ستمضي ياناجي بطلقة من كاتم صوت، بأمر من اصحاب تلك الكروش المقرفة، لانك مثل قنّاص ماهر، تصطاد بريشتك المشاغبة، مثل رادار متقدم كل مايجول بخاطرنا، ضحك ناجي . كان ناجي شغوفا، ومشاغبا بحبه لفلسطين، وكان لايهدأ، وكان لايرى إلا فوهات البنادق، توصله الى فلسطين، وكانت فلسطين حبه السرمدي، وخطه الأحمر، رغم أنه كان مشاغبا يتجاوز كل الخطوط الحمر، ليصل الى الأعداء، والأنظمةوكان مؤمنا أن أهم حقا من حقوقنا المشروعةهو حق عودتنا الى فلسطين. كان يعلم أن كاتم الصوت، الذي كان يرسمه دائما موجه إلي رأسه، ويتربص به من خلف كل منعطف، وان قضية اغتياله هي قضية وقت ليس إلاّ، وما على القاتل الكبير إلا ان يعطي الضوء الأخضر للقاتل للقاتل الصغير، بالضغط على الزناد، لكنه كان يعلم انه وإن قتل سيبقى جبهة مفتوحةعلى الأعداءوالعبيد، والعبابيد، حتى في مماته، وكان على ثقة أن وصيته حنظلة سيبقى يلاحقهم حتى الأبد.، لذلك كان صادقا .

شعب فلسطين، والشعب العربي، واحرار العالم، رسموا حنظلة في كل مكان يليق به، تخليدا لناجي العلي حتى أن الأطفال رسموه على جدران المدن، والقرى، ومقاعد الدراسه، ودفاتر المدرسة. كان يحمل ريشته، ودمه على راحته، ويرسم وكأنه سيموت غدا، وكان واثقا أن حنظلة سيعيش ابدا كانت عائلة ناجي تعاني شظف العيش، لذلك عمل ناجي في مهن متواضعه اثناء الدراسة ليتمكن من اعالة عائلته في مخيم عين الحلوة، وعندما تخرج وعمل رساما للكاريكاتير في الصحف اليومية، تحسن قليلا الوضع المالي للعائلة، ولم يعمل لكسب المال من تلك المهنه الفنية المحرّضه بامتياز للشباب الفلسطيني، والعربي، لأنه كان صاحب رسالة نضالية، تصور وجعنا، والمنا، ووعينا، لذلك اعتبر ناجي خير من صور المنا بريشته، مثلما غسان اعتبر خير من صوّر معاناتنا بقلمه. كان ناجي، كرائحة الارض بعد المطر، وكرائحة الخبز في الصباح، يطالعنا كالنشيد، رسوماته تقطر، فنّا، ووجعا، وغضبا، رسوماته تكثف السياسة، وتلخص وجع وفرح المخيمات، ومدن وقرى الجنوب، لتعزيز الوعي الجمعي للشعب والأمة. كعازف اوركسترا، يوظف فن الكاريكاتير للتحريض اليومي، يجتاز العوائق لا يهدأ، لايكلّ، ولا يملّ ترك وصيتة حنظلة لكي يواصل من بعده، لكي لانرث جيلا، يمتهن النقص والدونية، لذلك كان في حياته يصر على حلّ شيفرة، و جينات الجبن، التي استوطنت جسد الانسان العربي، وروحه، لتنتج مشاهد، يومية، صادمة ومقززة القتلة عامة ما ينتابهم الغباء، وخاصة قتلة ناجي العلي، لأنهم ظنوا ان قتل ناجي سينتهي بخبر عاجل على التلفاز، لكنهم خاب ظنهم، فهو لايزال حيّا فينا، هو وحنظلة، ورسوماته زادنا اليومي لتعزيز الوعي، والإصرار على اكمال المشوار الى فلسطين كل فلسطين. لاتزال رسوماته في نقابة الصحفيين والكتّاب المصريين شاهدة عليه الى يومنا هذا، عندما رسم دعاة التسوية في فلسطين حين تم التوقيع على اتفاقيات كامب ديفد، رسم انور السادات واحد دعاة التسوية من الفلسطينيين، وكتب فوقهما بسخرية (ده خان الخليلي، وده خان مصر) ورسم السيدة البتول وهي تحتضن ابنها يسوع عليهما السلام في الإنتفاضة الأولى تستظل بنخلة، والنخلة "تُساقط "عليها رصاصا وقنابل وليس رطبا جنيا وتقول سيدة البتول عليها السلام للمحتلين الصهاينة لا إعتراف، لاصلح، ولا استسلام. ورسم بعدها السيد المسيح عليه السلام رمز الفدائي الفلسطيني الأول وهو معلقا على الصليب، ينزع يده المثبتة بالمسامير من على الصليب ويقذف حجرا بوجه الإحتلال

2017-09-02