السبت 18/10/1445 هـ الموافق 27/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
"أربعونَ ظِلّاً للحُرِيَّة"....شذآ محمود أبو سرور


أنتَ في حِلٍّ مِنّا ومن عَجْزِنا وهَرْوَلاتِنا خَلْفَ أو بِمُحاذاةِ أَيِّ شِبْهِ فَرْحةٍ أو فرحةٍ مَشْبوهةٍ مَعْطوبةٍ نَنْتَظِرُها تأتي على مَهْلِها، بِمُفْرَدِها، دونَ جُهْدٍ مِنّا، ثُمَّ نَفْرَحُها دونَ خَجَلٍ أو بِخَجَلٍ بِتْنا نُجيدُ دَثْرَهُ، نَفْرَحُها بِمِلْءِ كَيْنوناتِنا بِصِدْقٍ لا غُبارَ عَلَيْهِ لَحْظةَ الفَرْحة، نَفْرَحُها، كَما كُلِّ جائعٍ للكرامةِ يَرْتَطِمُ صُدْفةً بِجَبَلِ الغَيْظِ والقَرابينِ والعِزَّةِ والنار

أَنْتَ في حِلٍّ مِنّا، وَمَنْ بِتْنا بَعْدَ وَوَسَطَ كُلِّ جَوْلاتِ التَدْجينِ والتَبْكيتِ والتَعْليبِ التي طالَتْ إراداتِنا وعُقولِنا وأطرافِنا وأنفاسِنا، وإِنْ كُنْتَ الآنَ -وفي الحالةِ السِرْياليةِ التي لَعَلَّها كَما النُفوس أو الأرواح ما بَيْنَ المَوْتِ والقيامة- تَرانا نَسْبِقُكَ إلى مَكانِ ومَوْعِدِ اللِقاء، تَسْمَعُنا نَقولُ كَلاماً يَفوقُ وَصْفَ الثَوْرةِ جَمالاً، نُسَلِّمُ عَلَيْكَ بِكُلِّ ما تَبَقَّى لَدَيْنا مِن قُدْرةٍ على الحُبِّ مُتَجاهِلينَ خَجَلاً لَهْفَتَكَ إلى وبَحْثِكَ عَن أَحِّبائِكَ الذينَ رَحَلوا إلى عَوالِمِ ما بَعْدَ الفِكْرة، نَمْلَأُ الأماكِنَ حَوْلَكَ بالأَصْواتِ والرَوائِحِ والأضواءِ والمَذاقاتِ سِوى تِلْكَ التي تَرْنو إليها نَفْسُكَ، نَشِنُّ عَلَيْكَ حَرْباً بارودُها السُؤالاتُ السَخيفةُ والمُسْتَهْلَكة دونَما اعْتِبارٍ لِحالِكَ وارْتِباكِكَ وقد تَكَرَّمَتْ عليكَ السَماءُ بِمَسْحةٍ رَبَتَتْ بِها على كُلِّكَ بَعْدَ عُقودٍ أَرْبَع من القطيعة، ونَعودُ كُلٌّ إلى شَأْنِه، وتَبْقى أنتَ الفريسةَ للمرةِ -التي لا أعرفُ كَم- للحَيْرةِ والقَهْرِ والغُرْبَةِ والسُؤالاتِ المستحيلة والاعتصار.

أَنْتَ في حِلٍّ مِنّا، وإِنْ أَسْعَفَتْكَ نَفْسُك، بالِغْ في الفَرَح، وافْرَحْ إلى ذَيّاكَ الحَدِّ الذي يُمْكِنُهُ أَنْ يَنالَ مِن سِعةِ السَماءِ ويَطْوِيَ مِياهَ الكَوْنِ كُلِّها بِنِصْفِ شاطِئٍ أَو أَقَلّ افْرَحْ كَمَنْ لا يَزالُ في أَوَّلِ عِشْرينِهِ وقَدْ وَهَبَتْهُ الحَياةُ فُرْصةَ اسْتِكْشافِ حَواسِّهِ مُضيفةً إلى خَمْسَتِها اثْنَتَيْن لأسبابٍ مَجْهولةٍ أو مَعْلومةٍ، لا يَهُمّ.

افْرَحْ كَمَنْ يُتْقِنُ عَنْ ظَهْرِ حَلْقٍ، ابْتِلاعَ السَيْفِ بِحَدَّيْهِ، والْتِهامَ المَعْنى من كُلِّ حَياةٍ في كُلِّ حَيّ، غَيْرَ مُبالٍ بقيمةِ الشَبَع .

افْرَحْ مالِكاً كُلَّ أَسْبابِ فَرَحِك، غَيْرَ مَدينٍ بِأَيِّها لِأَحَد، عالِماً وَحْدَكَ، لا ثانٍ لَكَ، بِبَواعِثِ فَرَحِك، راكِلاً جُموعَنا وخِطاباتِنا -سِرّاً وعلانيَّةً- بِشَظايا ما بِحَوْزَتِكَ مِن رَصاصٍ وأشباهِ أَعْمار

لَسْتَ مُحَرَّراً يا صاح!، رُغْمَ كُلِّ أُغْنِياتِ الحُرِيَّةِ التي تَعْجَزُ عَن أَنْ تَليقَ بِك، لَسْتَ مُحَرَّراً رُغْمَ كُلِّ أُمْنياتِ مَن تَبَقّوا مِن أحرارِ هَذيْ البِلاد، أَنْتَ حُرٌّ مُذْ وُلِدْتَ، وكُنْتَ حُرّاً طيلةَ أَرْبَعينِ سِجْنِكَ، وأدعو لَكَ أن تَبْقَ حُرّاً، مالِكاً نَفْسَكَ، قابِضاً على أَوْجاعِكَ وَغَضَبِك، ثائراً بالإنابةِ عَن كُلِّ الذينَ وَدَّعْتَهُم لَيْلةَ الفِراق التي امْتَزَجَت بِصَباحِ اللِقاء، أدعو لَكَ أن تَبْقَ حُرّاً، أَيَّاً كانت الألوانُ التي سَوْفَ تُلَوِّحُ، والأسماءُ وأشباهُ الأَقْدار

شذآ محمود أبو سرور

الجمعة السادس من كانون ثاني 2023م.

2023-01-08